2011/08/25

براءة إعاقة ..

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل و سلم على محمد و آل محمد
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته



" براءة إعاقة "



أثناء دراستها في الابتدائية، كانت تحلم أحلاماً كثيرة، من ضمنها أنها تكبر و تحصل على وظيفة .
كانت تتمنى أن تكون دكتورة أو ممرضة تعالج الأطفال .
أصيب والدها بجرح في كتفه و لم يكن معه أحدٌ في المنزل سوى طيبة، ناداها و علمها كيف تنظف الجرح و تغطيه باللاصق ..
بعد أن قامت بما طلبه منها والدها، ابتسم لها وقال: شكراً يا دكتورة طيبة .
فرحت، و قد عززت لديها هذه الكلمات أمنيتها وجعلتها تبقى في بالها إلى أن كبرت وتخرجت من الثانوية ..
تخرجت طيبة بمعدل للأسف لا يدخلها قسم الطب و لا حتى التمريض !
فقررت أن تدرس تخصص قريب من التخصص الذي كانت تحلم به و في نفس الوقت يتعلق بالأطفال، لحبها الكبير للأطفال ..
قررت أن تدرس تربية خاصة .
ولحسن الحظ تم قبولها في هذا التخصص ..
بدأت الدراسة و طيبة مستمتعة بتخصصها وخصوصاً أن أغلب المواد عملية بالإضافة إلى الرحلات التي تقوم بها الجامعة وهذا الشيء من الأشياء المحببة لديها .
كانت القاعة التي تدرس فيها تضم ستة عشر فتاة، من ضمنهن طيبة .
في يوم من الأيام، أخذت الجامعة طيبة وزميلاتها إلى دار الرعاية النهارية ..
كانت الدار تنقسم إلى عدة صفوف، كل صف يحوي فئة معينة ..
وتفاديا للازدحام، تقسمت الفتيات إلى أربع مجموعات، كل مجموعة أربع فتيات، كان أول صف دخلته طيبة هو الصف الخاص بأطفال التوحد ..
و كانت قد سمعت من زميلاتها بأن أطفال التوحد شرسين، قد يضربوا و من الممكن أن يفعلوا أي أمرٍ خطر للشخص الذي أمامهم !
كان الصف يضم سبع فتيات بأعمار متفاوتة ..
و كانت هنالك ألعاب و أشياء مختلفة من الأمور التي يحتاجها الأطفال لتعليمهم .
جلست طيبة و زميلاتها يراقبن الأطفال، كيف يتعلمون، كيف يتصرفون وكيف يتعاملون مع بعضهم ..
و في أثناء جلستهن توجهت لهن طفلة !
بعض زميلات طيبة و اللاتي كن قد أخذن فكرةً عن أطفال التوحد بأنهم شرسين، كانت ردة فعلهن أنهن قمن من أماكنهن بسرعة وتوجهن لباب الصف !
أما طيبة فكانت جالسة في مكانها، تراقب الوضع، تريد أن ترى ماذا سيحدث؟.
و لأنها تعودت في المواقف التي تمر بها أن لا تصدر أي ردة فعل إلا إذا رأت الفعل الذي يصدر من الشخص الذي أمامها ..
كانت تنظر إلى الطفلة و ترى إلى أين ستتوجه ؟
وكانت المفاجأة ..
الطفلة كانت متوجهة إلى طيبة !
وصلت الطفلة إلى طيبة و أمسكت رأسها بيديها الاثنتين ..
تداعى كل ما قالته زميلات طيبة عن أطفال التوحد إلى بالها في هذا الوقت ..
أغمضت طيبة عينيها و كانت تنتظر ما سوف يأتيها من الطفلة ..
أحست بقبلة على جبينها .
فتحت عينيها و على شفاهها ابتسامة تعجب ومشاعرها ما بين تعجب و فرح، و مشاعر لا تستطيع وصفها ..
أخذت تنظر إلى الطفلة و الطفلة تبتسم لها ابتسامة براءة وفرح ..
تركت الطفلة رأس طيبة ..
قبلتها طيبة أيضاً على جبينها ..
و عادت الطفلة تلعب مع صديقاتها .